فيلسوف الحب
عدد الرسائل : 13 العمر : يوم/شهر/سنه تاريخ التسجيل : 26/04/2008
| موضوع: طائر الفينيق في الاساطير الأحد أبريل 27, 2008 5:12 pm | |
| طائرُ الفينيق في الأساطير
تقول الأُسطورة أنْ لَم يكُن في عالَمنا إلاّ طائرُ فينيقٍ واحدٌ. كان يسكُنُ الْجَنَّة، وهي أرضُ جَمالٍ لا يوصَف، هادئةٌ خلفَ الأُفُق البعيد الذي منه تشرق الشمس. جدليّة هذا الطائر أنْ ليس في الْجَنّة مَوت. بعد ألف سنة، أصبح الطائر يرزح تَحت وطأة عمره الطويل، وأراد أن يَجيء وقتُه فيموت. ولأن في العالَم الأرضي موتاً، شقّ طريقه الى العالم الأرضي، تَوجَّهَ صوب الغرب، مُحلّقاً فوق أدغال بورما وسهول الهند، حتى وصل فوق أرضٍ شدّتْه إليها رائحةُ بَخور التوابل في مغاور الشرق. نزَل إليها، جمع غمراً من الأعشاب العَطِرة، وحَملها معه الى شواطئ فينيقيا، فَحَطّ في عُبّ شجرة عالية بنى فيها عشَّه من تلك الأعشاب العَطِرة. وكان الْمغيب، فراح ينتظر بزوغ الفجر الجديد الذي يؤذّن بموت الطائر.وحين أشرقت الشمس من خلف الأفق العالي، تطلَّع صوب الشرق، فتح منقاده وأنشد أغنيةً لإله الشمس فجاء على عربته. وعند نهاية الأغنية، نهز إله الشمس أحصنتَه فانطلقت بالعربة وفرَّت من حوافر أحصنتها شرارةٌ أصابت عش الطائر، فاحترق العش واحترق فيه الطائر، وانتهت بذلكَ حياةُ الطائر الألفيّ.
وفي اليوم الثالث بَزَغ من رماد الطائر الْمحترق طائرُ فينيقٍ صغيرٌ نفَّض جناحيه من الرّماد، وطار صوب الشرق، الى أبواب الجنة يواكبه رف من الطيور.
في رموزية الأسطورة، أنّ طائر الفينيق يمثل الشمس تموت في نهاية كل يوم، وتعودُ لتولدَ في اليوم التالي. وفي السائد منذ بدء الْخليقة، أنّ الكائنات تولد من أُخرى. إلاّ كائناً واحداً يولد من ذاته، سمّاه الأشوريون طائر الفينيق: لا يعيش على الفواكه أو الزهور بل على العطور والعنبر. حين يبلغ عمره خمسمئة سنة، يبتني عشاً في عُبّ شجرة عند أعلاها، يَجمع العنبر والطيب والْمُر واللبان، يتكوّم بينها في العُشّ ويلفظ نفَسَه الأخير بين الأطياب. ومن رماد هذا الطائر الأب، يولد فينيق صغير مرصودٌ على العيش، كما أبوه، خمسمئةَ سنةٍ أُخرى. وحين يشتدُّ جناحاه يودّع هذا العش (مكانَ ولادته ومكان موت أبيه) فيَحمل عشَّه، ويطير به، متجِّهاً الى مدينة الشمس، بعلبك، ليضعه قرباناً في معبد الشمس، بانتظار أن يأتي زمن موته، فيحترقَ ليولَدَ من رماده طائرُ فينيقٍ جديدٌ الى حياة جديدة.
الطائرُ الْمُقَدَّس (بقلم سعيد عقل نقلا عن مَجلّة "الرسالة" كانون الثاني 1955)
يعيشُ ألف سنة. يفد من صوب الشرق كلَّ خمسينَ أو مئة، ليحترقَ بالعنبر والطيب فوق هيكل الأسرار في لبنان. وبعد ثلاثة أيام يستعيدُ الحياةَ ليرجِع الى موطنه.
حين يصل، تسري القشعريرةُ في التلال والسهول وموج البحر، والناس واجمون يتبرَّكون من الهنيهة التي سيحط فيها الطائرُ فينيكس على أرضهم. وحين تتضاءل رائحة العنبر، إيذاناً بأن الطائر المقدس أتَمَّ تضحيةَ ذاته، يؤوب الناس الى بيوتهم من دون أن يرَوه، فلا يَجوز أن يرى الطائرَ فينيكسَ أحد.
مَن يُلقى عليه من رماد الطائر المقدس، يَحيا. ومن يَمَسُّهُ رماد طائر الفينيق يوقظُ الصاعقة. ومن يعود الى الوجود يكون خَبِرَ سرَّ الحياة والموت.
طائرُ الفينيق رمزُ الحب الذي يقيم من الموت. وهو وعدٌ دائمٌ بأن يَجيءَ يوماً ويرُدَّنا إليه… الى ملكوت النور.
طائرُ الفينيق رمزُ الوعد العظيم. من آمن بالوعد قبل تَمامه، أحياهُ الإيْمانُ لأنّ الإيْمان حُبّ. ومن يَمَسُّ رماد طائر الفينيق، يقول للموت أن يزول، فيزول.
|
|
| |
|