أَقول لَهـم
أَقول لَهـم وقـد جـدّ الفـراق
رويدكـم فقـد ضـاق الخنـاق
رحلتـم بالبـدور ومـا رَحَمتـم
مشوقـاً لا يبـوخ لـه اشتيـاق
فقلبِـي فـوق ارؤسكـم مطـار
ودمعي تَحـت أرجلكـم مـراق
أقـال الله مـن قـودٍ لِحـاظـاً
دمـاء العـاشقيـن بِهـا تـراق
وأبقـي أعينـاً للغـيـد سـوداً
ولو نسيـت بِها البيـض الرقـاق
متى يصحو الفـؤاد وقد أديـرت
عليه من الـهوى كـأس دهـاق
وليـس النَّـاس إلاّ مـن تصابِـي
وإلاّ مـن يشـوق ومـن يشـاق
مررنـا بالـمنـازل موحشـاتٍ
لِهوج الرامسـات بِهـا اختـراق
كأن لَـم تُصبنِـي فيـها كعـاب
ولَـم يُضـرب بسـاحتـها رواق
فعجت على الطلـول بِهـا مكبّـا
أسائلـها وقـد ذهـب الرِّفـاق
كأنِّـي بيـن أطـلال المغَـانِـي
أسيـر عـضّ ساعـده الوثـاق
حديـد بـارد فِي اللَّـوم قلبِـي
فليـس لـه إذا طـرق انطـراق
تيقَّظ فما انت بالخالد
تيقَّظ فما انت بالخالدِ
ولا حادث الدهر بالراقدِ
فخلَّد بسعيك مجداً يدومُ
دوام النجوم بلا جاحد
وأبق لك الذكر بالصالحات
وخل النزوع إلى الفاسد
وردْ ما يناديك عنه الصدور
ألا دَرَّ درُّك من وارد
وسر بين قومك في سيرة
تميت الحقود من الحاقد
فان فتى الدهر من يدّعي
فتأتي اعاديه بالشاهد
ولا تك مرمى بداء السكون
فتصبح كالحجر الجامد
وكن رجلاً في العلى حُوَّلا
تفنن في سيره الراشد
اذا اطَّردتْ حركات الحياة
ومرت على نسق واحد
ولم تتنوع افانينها
ودامت بوجه لها بارد
ولم تتجدد لها شملة
من السعي في الشرف الخالد
فما هي إلا حياة السَّوام
تجول من العيش في نافذ
وما يرتجي من حياة امرىء
كماءٍ على سَبخة راكد
وليس له في غضون الحياة
سوى النفس النازل الصاعد
يغضُّ على الجهل اجفانه
ويرضى من العيش بالكاسد
فذاك هو الميت في قومه
وان كان في المجلس الحاشد
وما المرءُ إلا فتى يغتدِي
إلى العلم في شَرَك صائد
سعى للمعارف فاحتازها
وصاد الانيس مع الآبد
وطالع أوجه أقمارها
يعين بصيرٍ لها ناقد
فأبدى الحقائق من طيها
وألقى القُيود على الشارد
اذا هو اصبح نادى البدار
وشمرَّ للسعي عن ساعد
فكان المجلَّى َ في شأوه
بعزمٍ للسعى عن ساعد
وإن بات بات على يَقظَة
بطرف لنجم العلى راصد
واحدث مجداً طريفاً له
واضرب عن مجده التالد
وما الحمقُ الا هو الاتكالُ
على شرفٍ جاء من والد
فذاك هو الحيُّ حيَّ الفخارِ
وان لحدتهُ يدُ اللاحد
الأرملة المرضعة
لَقِيتُها لَيْتَنِـي مَا كُنْتُ أَلْقَاهَـا--------- تَمْشِي وَقَدْ أَثْقَلَ الإمْلاقُ مَمْشَاهَـا
أَثْوَابُـهَا رَثَّـةٌ والرِّجْلُ حَافِيَـ-------- وَالدَّمْعُ تَذْرِفُهُ في الخَدِّ عَيْنَاهَـا
بَكَتْ مِنَ الفَقْرِ فَاحْمَرَّتْ مَدَامِعُهَا ------ وَاصْفَرَّ كَالوَرْسِ مِنْ جُوعٍ مُحَيَّاهَـا
مَاتَ الذي كَانَ يَحْمِيهَا وَيُسْعِدُهَا-------- فَالدَّهْرُ مِنْ بَعْدِهِ بِالفَقْرِ أَشْقَاهَـا
المَوْتُ أَفْجَعَهَـا وَالفَقْرُ أَوْجَعَهَا ------ وَالهَمُّ أَنْحَلَهَا وَالغَمُّ أَضْنَاهَـا
فَمَنْظَرُ الحُزْنِ مَشْهُودٌ بِمَنْظَرِهَـا ---- وَالبُؤْسُ مَرْآهُ مَقْرُونٌ بِمَرْآهَـا
كَرُّ الجَدِيدَيْنِ قَدْ أَبْلَى عَبَاءَتَهَـا------- فَانْشَقَّ أَسْفَلُهَا وَانْشَقَّ أَعْلاَهَـا
وَمَزَّقَ الدَّهْرُ ، وَيْلَ الدَّهْرِ، مِئْزَرَهَا ----- حَتَّى بَدَا مِنْ شُقُوقِ الثَّوْبِ جَنْبَاهَـا
حَتَّى غَدَا جِسْمُهَا بِالبَرْدِ مُرْتَجِفَاً ----. كَالغُصْنِ في الرِّيحِ وَاصْطَكَّتْ ثَنَايَاهَا
تَمْشِي وَتَحْمِلُ بِاليُسْرَى وَلِيدَتَهَا ------ حَمْلاً عَلَى الصَّدْرِ مَدْعُومَاً بِيُمْنَاهَـا
قَدْ قَمَّطَتْهَا بِأَهْـدَامٍ مُمَزَّقَـةٍ ------- في العَيْنِ مَنْشَرُهَا سَمْجٌ وَمَطْوَاهَـا
مَا أَنْسَ لا أنْسَ أَنِّي كُنْتُ أَسْمَعُهَا ------ تَشْكُو إِلَى رَبِّهَا أوْصَابَ دُنْيَاهَـا
تَقُولُ يَا رَبِّ، لا تَتْرُكْ بِلاَ لَبَنٍ ----- هَذِي الرَّضِيعَةَ وَارْحَمْنِي وَإيَاهَـا
يَا رَبِّ مَا حِيلَتِي فِيهَا وَقَدْ ذَبُلَتْ ------- كَزَهْرَةِ الرَّوْضِ فَقْدُ الغَيْثِ أَظْمَاهَـا
مَا بَالُهَا وَهْيَ طُولَ اللَّيْلِ بَاكِيَةٌ ---- وَالأُمُّ سَاهِرَةٌ تَبْكِي لِمَبْكَاهَـا
يَكَادُ يَنْقَدُّ قَلْبِي حِينَ أَنْظُرُهَـا------- تَبْكِي وَتَفْتَحُ لِي مِنْ جُوعِهَا فَاهَـا
وَيْلُمِّهَا طِفْلَـةً بَاتَـتْ مُرَوَّعَـة------- وَبِتُّ مِنْ حَوْلِهَا في اللَّيْلِ أَرْعَاهَـا
تَبْكِي لِتَشْكُوَ مِنْ دَاءٍ أَلَمَّ بِهَـا-------- وَلَسْتُ أَفْهَمُ مِنْهَا كُنْهَ شَكْوَاهَـا
قَدْ فَاتَهَا النُّطْقُ كَالعَجْمَاءِ، أَرْحَمُهَـا-------- وَلَسْتُ أَعْلَمُ أَيَّ السُّقْمِ آذَاهَـا
وَيْحَ ابْنَتِي إِنَّ رَيْبَ الدَّهْرِ رَوَّعَهـا -------- بِالفَقْرِ وَاليُتْمِ ، آهَـاً مِنْهُمَا آهَـا
كَانَتْ مُصِيبَتُهَا بِالفَقْرِ وَاحَـدَةً --------- وَمَـوْتُ وَالِدِهَـا بِاليُتْمِ ثَنَّاهَـا
هَذِي حِكَايَةُ حَالٍ جِئْتُ أَذْكُرُهَا ----- وَلَيْسَ يَخْفَى عَلَى الأَحْرَارَ فَحْوَاهَـا
--------------------------------------------------------------------------------
انظر لتلك الشجرة
ذات الغصون النضرة
كيف نمت من بذرة
وكيف صارت شجرة
فانظر وقل من ذا الذى
يخرج منها الثمرة
وانظر إلى الشمس التى
من ام جذوتها مستعرة
فيها ضياء وبهاء
حرارة منتشرة
من الذى كونها
فى الجو مثل الشررة
أوجد فيه قمره
وزانه بأ نجم
كالدر المنتشرة
والطود من طوده
والبحر من ذا سجره
والريح من أرسلها
والماء من ذا فجره
وأنظر إلى الغيم فمن
أنزل منه مطره
فصير الأرض به
بعد اغبرار خضره
و أنظر إلى الروض فمن
نوع فيه زهره وانظر إلى
فراشة صاعدة منحدرة
جناحها يشبه فى خطوطه
المستطرة ديباجة موشية
تنشرها كالحبرة فانظر وقل
"من ذا الذى أوجد هذى الحشرة؟
وانظر إلى المرء وقل من شق فيه
بصره من ذا الذى جهزه
بقوة مفتكرة ذاك هو الله الذى
ويل لمن قد كفره ذو حكمة
بالغة وقدرة مقتدرة